المقارنة بين الدنيا والآخرة
هذا الفيديو العلمي يكشف الفرق العظيم بين الدنيا الزائلة والآخرة الخالدة، مستندا إلى حجج شرعية وعقلية واضحة

المقارنة بين الدنيا والآخرة

اَلْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ العَالَمِينْ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى خَاتَمِ الأَنْبِيَاءِ وَالْمُرْسَلِينْ

يَقُولُ اللهُ تعالى: وَمَا الحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلاَّ لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَلَلدَّارُ الآخِرَةُ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ (الأنعام: 32).

يَقُولُ الإمامُ أبو اللَّيثِ السَّمَرْقَنْدِيُّ رحمه اللهُ تعالى: وَمَا الْحَياةُ الدُّنْيا إِلَّا لَعِبٌ وَلَهْوٌ يَعْنِي: لَعِبٌ كَلَعِبِ الصِّبْيَانِ يَبْنُونَ بُنْيَانًا، ثُمَّ يَهْدِمُونَهُ، وَيَلْعَبُونَ وَيَلْهُونَ وَيَبْنُونَ مَا لَا يَسْكُنُونَ. كذلك أَهْلُ الدنيا يَجْمَعُونَ ما لا يَأْكُلُونَ، وَيَبْنُونَ ما لا يَسْكُنُونَ وَيَأْمَلُونَ ما لا يُدْرِكُونَ.

ثُمَّ قال: وَلَلدَّارُ الْآخِرَةُ يَعْنِي: الجنَّةُ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ الشِّرْكَ والفَوَاحِشَ أَفَلا تَعْقِلُونَ أَيْ أَنَّ الآخِرَةَ أَفْضَلُ مِنَ الدُّنْيَا. (بحر العلوم: 1/443).

أيها الأحبة الكِرامْ: فلا وَجْهَ لِلْمُقَارَنَةِ بَيْنَ الدنيا والآخِرَةِ كَمًّا ولا نَوْعًا....

عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ : لَوْ كَانَتِ الدُّنْيَا تَعْدِلُ عِنْدَ اللهِ جَنَاحَ بَعُوضَةٍ مَا سَقَى كَافِرًا مِنْهَا شَرْبَةَ مَاءْ. (سنن الترمذي: 2320).

فَأَحَادِيْثُ النبيِّ بَيَّنَتْ هَذَا البَوْنَ الشَّاسِعَ، وَحَاوَلَتْ تَقْرِيْبَهُ لِلْعُقُولِ بِأَمْثَالٍ تَزِيْدُ الأَمْرَ وُضُوحًا، فَقَدْ أَقْسَمَ حَبِيْبُنَا ونَبِيُّنا سَيِّدُ الخَلْقِ سيِّدُنا مُحَمَّدٌ يَوْمًا فقال: وَاللهِ مَا الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا مِثْلُ مَا يَجْعَلُ أَحَدُكُمْ إِصْبَعَهُ هَذِهِ - وَأَشَارَ يَحْيَى بِالسَّبَّابَةِ - فِي الْيَمِّ، فَلْيَنْظُرْ بِمَ تَرْجِعُ؟ (صحيح مسلم: 2858).

خُذُوا هذه الحقيقةَ العِلْمِيَّةَ لِتَقْرِيْبِ الصُّوْرَةِ فَحَسْب، لِأَنَّ الأَبَدَ لا يُمْكِنُ لِحُدُودِ العَقْلِ البَشَرِيِّ القَاصِرِ أَنْ يُحِيْطَ بِهِ.

وَأَمَّا الفَارِقُ النَّوْعِيُّ فَقَدْ بَيَّنَهُ النبيُّ أيضًا بِقَولِه: لَوْ أَنَّ مَا يُقِلُّ ظُفُرٌ مِمَّا فِي الجَنَّةِ بَدَا لَتَزَخْرَفَتْ لَهُ مَا بَيْنَ خَوَافِقِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضْ، وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ الجَنَّةِ اطَّلَعَ فَبَدَا أَسَاوِرُهُ لَطَمَسَ ضَوْءَ الشَّمْسِ كَمَا تَطْمِسُ الشَّمْسُ ضَوْءَ النُّجُومْ (سنن الترمذي: 2538).

وَمَعْنَى الحَدِيثْ: أَنَّهُ لَوْ أَنَّ مَا يَحْمِلُهُ ظُفُرٌ مِنْ نَعِيْمِ الجَنَّةِ ظَهَرَ في الدنيا لَتَزَيَّنَتْ لِهَذِهِ الْمِقْدَارِ الضَّئِيلِ مَا بَيْنَ خَوَافِقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَيْ أَطْرَافِهَا وَقِيْلَ: مُنْتَهَاهَا (مرقاة المفاتيح: 9/3589 بتصرف).

وَاعْلَمُوا أَيُّهَا الأَحِبَّةُ الكِرَامْ: لا يَجْتَمِعُ حُبُّ الدنيا والآخِرَةْ كما يَقُولُ الإمامُ ابْنُ الجوزي رحمه الله تعالى: رَأَيْتُ سَبَبَ الهُمُومِ وَالغُمُومْ: الإِعْرَاضُ عَنِ اللهِ عَزَّ وَجَلّْ، وَالإِقْبَالُ على الدُّنْيَا، وَكُلَّمَا فَاتَ مِنْهَا شَيْءُ، وَقَعَ الغَمُّ لِفَوَاتِهِ.

فَأَمَّا مَنْ رُزِقَ مَعْرِفَةَ اللهِ تعالى، اِسْتَرَاحَ؛ لِأَنَّهُ يَسْتَغْنِيْ بِالرِّضَا بِالقَضَاء، فَمَهْمَا قُدِّرَ لَهُ، رَضِيَ، وَإِنْ دَعَا فَلَمْ يَرَ أَثَرَ الإِجَابَةِ لَمْ يَخْتَلِجْ فِي قَلْبِهِ اِعْتِرَاضٌ؛ لأَنَّهُ مَمْلُوكٌ مُدَبَّرْ، فَتَكُونُ هِمَّتُهُ فِي خِدْمَةِ الخَالِق. (صيد الخاطر:341-342).

بِهَذَا نَكُونُ قَدِ انْتَهَيْنَا مِنْ جَلْسَتِنَا لِهَذَا اليَومْ، أَتَمَنَّى أَنْ تَكُونُوا قَدِ اسْتَفَدتُّمْ مِنْهَا بِإِذْنِ اللهِ تعالى وَكَمَا أَتَمَنَّى أَنْ تَنَالَ إِعْجَابَكُمْ أَيْضًا، أَستَودِعُكم اللهَ تعالى إلى لِقَاءٍ قَرِيبٍ بِإِذْنِ اللهِ تعالى.

https://www.youtube.com/watch?v=lOrZWnPtww8
disclaimer

Comments

https://reviewsandcomplaints.org/assets/images/user-avatar-s.jpg

0 comment

Write the first comment for this!